حركة طالبان الباكستانية وحركة طالبان الأفغانية طرفا عملة واحدة إن انبعاث الإرهاب في باكستان منذ استيلاء طالبان على أفغانستان تشكل تذكيراً واضحا بالتداخل الوثيق بين حركة طالبان الباكستانية وحركة طالبان الأفغانية. وعلى الرغم من ادعاءاتهما بأن مصالحهما منفصلة إلا أنهما طرفا عملة واحدة؛ تتشاركان في نفس الإيديولوجية المتطرفة وتتقاسمان الدعم العملياتي واللوجستي. ومن المؤكد أن […]
حركة طالبان الباكستانية وحركة طالبان الأفغانية طرفا عملة واحدة
إن انبعاث الإرهاب في باكستان منذ استيلاء طالبان على أفغانستان تشكل تذكيراً واضحا بالتداخل الوثيق بين حركة طالبان الباكستانية وحركة طالبان الأفغانية. وعلى الرغم من ادعاءاتهما بأن مصالحهما منفصلة إلا أنهما طرفا عملة واحدة؛ تتشاركان في نفس الإيديولوجية المتطرفة وتتقاسمان الدعم العملياتي واللوجستي. ومن المؤكد أن عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان قد شجعت حركة طالبان الباكستانية مما أسفر عن زيادة ملحوظة في الأنشطة الإرهابية داخل باكستان. وقد تجلى هذا في الارتفاع المثير للقلق في تصنيف باكستان على مؤشر الإرهاب العالمي حيث تتواجد الآن بشكل مؤسف بالمرتبة الرابعة عالميا.
إن قدرة حركة طالبان الباكستانية للاعتداء على باكستان بحرية من حدود أفغانستان لم يعد مجرد اتهام من قبل قوات الأمن الباكستانية بل أكدته الأمم المتحدة بتوضيح يفيد بأن حركة طالبان الباكستانية هي أكبر مجموعة إرهابية في أفغانستان يقدر عدد محاربيها ما بين خمسة إلى ستة آلاف. وذكر تقرير الأمم المتحدة -على وجه خاص- الدعم المتكاثر الذي تستلمه حركة طالبان الباكستانية من السلطات الأفغانية ليمكن الجماعة من شن الهجمات عبر الحدود داخل باكستان. وحقيقة هذه المشاركة مصدقة مؤكدة على مستوى نتائج استخبارية عديدة بأن مواطني أفغانستان يقومون بنشاط بالاعتداء على الأراضي الباكستانية. والتوضيح الذي أعرب عنه المتحدث الرسمي لأفغانستان ذبيح الله مجاهد، والذي ادعى فيه بأن حركة طالبان الباكستانية هي "قضية داخلية” لباكستان ليس أقل من مهزلة، بالنظر إلى الإرهاب الشنيع عبر الحدود الذي يتم تنسيقه في أفغانستان.
والمماثلة العملياتية والهيكلية بين الجماعتين الإرهابيتين والمماثلة بين الجماعتين تؤكد العلاقات الوطيدة والارتباط الوثيق بينهما، وقيام حركة طالبان الباكستانية بتأسيس حكومات الظل داخل باكستان على طراز يشبه استراتيجية طالبان السابقة في أفغانستان يجسد محاولة جلية لزعزعة استقرار الدولة، إلا أن هذه الاستراتيجية ليست جديدة بل توحي إلى جهود حركة طالبان الباكستانية المتتابعة من أجل تقويض سيادة باكستان ونشر الفوضى في شتى أطراف البلد، ومع ذلك، فإن الحركة تتغافل عن كل ما ألحقته من الفظائع بالشعب الباكستاني بل تضيف في تضخيم الأصوات الانفصالية في إقليم بلوشستان كما تقوم بتوجيه اتهمات كاذبة ضد قوات الأمن التابعة للدولة.
من بين أكثر التذكيرات مأساوية وإيلاما بالطبيعة الحقيقية لحركة طالبان الباكستانية تلك المذبحة الهمجية التي وقعت في مدرسة الجيش العامة (APS) في بيشاور، حيث ذُبح بلا رأفة أكثر من 140 شخصاً، أكثرهم أطفالا. ولم يكن لهم أي ذنب غير مواصلة مراحل التعليم لتأمين مستقبل أكثر إشراقاً لأنفسهم ولبلدهم، ومع ذلك فقد أصبحوا ضحايا لإيديولوجية حركة طالبان الباكستانية الغاشمة. وإن الصدمة التي لحقت بأسرهم خصوصا والشعب عموما لا يمكن نسيانها أو غفرانها. وهذه هي قوى الإرهاب ذاتها التي تسعى حركة طالبان الباكستانية للتحالف معها، في حين تتهم الدولة وقواتها الأمنية ــ الحامية الحقيقية لباكستان ــ بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. إن دماء هؤلاء الأطفال، وعدد لا يحصى من ضحايا عنف حركة طالبان الباكستانية، تلطخ أيدي من يطلق عليهم "المقاتلين من أجل الحرية”، الذين ليسوا أكثر من مجرد متعهدين للموت والدمار.
إن الدعوة التي تطلقها الحركة لتكوين الحكومة وفق الشريعة الدينية في باكستان ليس للسعي وراء الحصول على رضا الله بل إنها محاولة خفية لإعادة التجربة الفاشلة التي قامت بها حركة طالبان الأفغانية. وتحت ستار الدين، يسعون إلى فرض قوانينهم الصارمة واستغلال السكان الضعفاء لتعزيز أجندتهم المتطرفة. ومع ذلك، فقد رأى شعب باكستان هذه الواجهة. إن الحكم الكارثي الذي فرضته حركة طالبان الأفغانية، والذي اتسم بالانهيار الاقتصادي، والقمع الاجتماعي، والعزلة الدولية، كان بمثابة تحذير قاتم لما تطمح حركة طالبان الباكستانية إلى جلبه إلى باكستان.
إن هذا التحالف بين حركة طالبان الباكستانية وطالبان الأفغانية، العازمة على زعزعة استقرار باكستان، يجب أن يُنزع القناعُ من وجهه لاكتشاف حقيقته؛ فالحركة سواء كانت باكستانية أو كانت أفغانية لا تقل عن فتنة خطيرة تهدد نسيج شعبنا بأسره. وفي حين أنهم قد يقدمون أنفسهم كأبطال للإسلام، فإن أفعالهم تتحدث عكس ذلك. إن تكتيكاتهم الإرهابية، وتجاهلهم لأرواح الأبرياء، وتواطئهم مع عناصر أجنبية، تكشف عن أجندتهم الحقيقية، وهي زعزعة استقرار باكستان وإضعافها.
إن المحاولات التي تبذلها حركة طالبان الباكستانية لتحويل اللوم إلى قوات الأمن الباكستانية هي محاولة يائسة لصرف الانتباه عن الفظائع التي ترتكبها هي. لقد ضحى رجال القوات المسلحة الباكستانية ونساءها بحياتهم من أجل حماية الشعب من ويلات الإرهاب. لقد قاتلوا ضد المتمردين في بعض أصعب المناطق، وكثيراً ما كان ذلك بتكلفة شخصية باهظة، لضمان سلامة الشعب الباكستاني وأمنه. إن رواية حركة طالبان الباكستانية، التي تسعى إلى تشويه سمعة هذه القوى ليست زائفة فحسب، بل إنها مهينة للغاية للتضحيات التي قدمها هؤلاء الأفراد الشجعان.
ومن الضروري أن نظل يقظين ومتحدين ضد هذا التهديد. ويتعين على المجتمع الدولي أيضاً أن يعترف بحركة طالبان باكستان وحركة طالبان الأفغانية على حقيقتهما: طرفا عملة واحدة، يعملان معاً لنشر الرهبة والخوف عبر الحدود. والأدلة واضحة: فمن النتائج التي توصلت إليها الأمم المتحدة إلى الزيادة الموثقة في الهجمات عبر الحدود، لا يمكن تجاهل العلاقة بين هذه الجماعات.
وقد يسعى خطاب حركة طالبان الباكستانية لتجد آذانا صاغية وقلوبا واهية، ولكن أعمالهم الشنيعة تكشف عن حقيقة أمرهم؛ فإنهم ليسوا مقاتلين من أجل الحرية أو مناضلين عن الإسلام؛ إنهم إرهابيون، بمعنى الكلمة. ولا بد من مقاومة فتنتهم التي تتغذى بالعنف والكراهية، ولا بد من مجابهتها بشكل مباشر وبكل قوة القانون وبعزم الشعب الباكستاني الذي لا يتزعزع. وحينها فقط يمكن أن نضمن مستقبلا آمنا زاهرا لشعبنا الباكستاني وخاليا من لعنة الإرهاب.
© 2025 PPN - پرامن پاکستان نیٹ ورک